الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه (1) واقع، ومستقبل، فغيب الواقع نسبي يكون لشخص معلومًا ولآخر مجهولًا، وغيب المستقبل حقيقي لا يكون معلومًا لأحد إلا الله وحده أو
ومن حكم بغير ما أنزل الله] ؛ واقع، ومستقبل، فغيب الواقع نسبي يكون لشخص معلومًا ولآخر مجهولًا، وغيب المستقبل حقيقي لا يكون معلومًا لأحد إلا الله وحده أو ومن حكم بغير ما أنزل الله [الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابا لمتبعيتهم فقال سبحانه: من أطلعه عليه من الرسل فمن أدى علمه فهو كافر لأنه مكذب لله عز وجل ولرسوله، قال الله تعالى: ونقول لهؤلاء كيف يمكن أن تعلموا الغيب والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعلم الغيب؟ هل أنتم أشرف أم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ فإن قالوا هو أشرف فنقول لماذا يحجب عنه الغيب وأنتم تعلمونه؟ وقد قال عز وجل عن نفسه: وقد قال عدي بن حاتم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنهم لم يعبدوهم فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ] إذا فهمت ذلك فأعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله، وأراد أن يكون التحاكم إلى غير الله ورسوله وردت فيه آيات بنفي الإيمان عنه، وآيات بكفره وظلمه، وفسقه. فأما القسم الأول: فمثل قوله تعالى: الأولى: أنهم يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت، وهوكل ما خالف حكم الله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن ما خالف حكم الله ورسوله فهوطغيان واعتداء على حكم من له الحكم وإليه يرجع الأمر كله وهوالله، قال الله تعالى: الثانية: أنهم إذا دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا. الثالثة: أنهم إذا أصيبوا بمصيبة بما قدمت أيديهم - ومنها أن يعثر على صنيعهم - جاءوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق كحال من يرفض اليوم أحكام الإسلام ويحكم بالقوانين المخالفة لها زعمًا منه أن ذلك هوالإحسان الموافق لأحوال العصر. ثم حذر - سبحانه - هؤلاء المدعين للإيمان المتصفين بتلك الصفات بأنه - سبحانه - يعلم ما في قلوبهم وما يكنونه من أمور تخالف ما يقولون، وأمر نبيه أن يعظهم ويقول لهم في أنفسهم قولًا بليغًا، ثم بين أن الحكمة من إرسال الرسول أن يكون هوالمطاع المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم، ثم اقسم تعالى بربوبيته لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقسم بها قسمًا مؤكدًا أنه لا يصح الإيمان إلا بثلاثة أمور: الأول: أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. الثاني: أن تنشرح الصدور بحكمه، ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه. الثالث: أن يحصل التسليم بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أوإنحراف. وأما القسم الثاني: فمثل قوله تعالى: فنقول: من لم يحكم بما انزل الله استخفافًا به، أواحتقارًا، أواعتقادًا أن غيره أصلح منه، وانفع للخلق أومثله فهوكافر كفرًا مخرجًا عن الملة، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجًا يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية، والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهويعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه. ومن لم يحكم بما أنزل الله وهولم يستخف به، ولم يحتقره، ولم يعتقد ان غيره أصلح منه لنفسه أونحوذلك، فهذا ظالم وليس بكافر وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم. ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافًا بحكم، الله، ولا احتقارًا، ولا اعتقادًا أن غيره أصلح، وأنفع للخلق أو مثله، وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا فهذا فاسق، وليس بكافر وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله أنهم على وجهين: أحدهما: أن يعلموا أنهم يدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل ويعتقدون تحليل ما حرم، وتحريم ما أحل الله اتباعًا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركًا. والدليل [أي على وجوب الحكم بما أنزل الله والكفر بالطاغوت.] قوله تعالى: الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحرام وتحريم الحلال - كذا العبارة المنقولة عنه - ثابتًا لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب. وهناك فرق بين المسائل التي تعتبر تشريعًا عامًا والمسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي بغير ما أنزل الله لأن المسائل يتأتى فيها التقسيم السابق، وإنما هي من القسم الأول فقط لأن هذا المشرع تشريعًا يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه. وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله [لا إكراه على الدين لظهور أدلته وبيانها ووضوحها ولهذا قال بعده: وفي الحديث* لا بد أن تختار الرشد على الغي. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم [ختم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى رسالته هذه برد العلم إلى الله عز وجل والصلاة والسلام على نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبهذا انتهت الأصول الثلاثة وما يتعلق بها فنسأل الله تعالى أن يثيب مؤلفها أحسن ثواب، وأن يجعل لنا نصيبًا من أجرها وثوابها، وأن يجمعنا وإياه في دار كرامته، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد]. * أخرجه مسلم، كتاب الأضاحي، باب: تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله. * أخرجه أبوداود، كتاب الجهاد، باب: في الهجرة هل أنقطعت. وأحمد جـ1 ص 192. والدرامى، كتاب السير، باب: أن الهجرة لا تنقطع، والهيثمي في "مجمع الزوائد" جـ 5 ص 250، وقال: "روى أبوداود والنسائي بعض حديث معاوية - ورواء أحمد والطبراني في الأوسط والصغير من غير حديث ابن السعدي - ورجال أحمد ثقات -". * رواه أحمد 5/231-237، والترمذي 5/13 برقم 2616، وابن ماجه 2/1394 برقم 2973.
|